يظن البعض أن ممثلي الكوميديا -الذين تخصصوا في إضحاك الناس ورسم الفرحة على وجوه الجمهور- دائمو السعادة والفرح وأنهم ولدوا هكذا ضاحكين مبتسمين، لكن الذي لا يعرفه الجمهور أن فنان الكوميديا هو إنسان عادي إحساسه مرهف أكثر، وأنه خلق هذا القناع الضاحك ليواري به الوجه الباكي، والعيون التي يملأها الحزن.
وقد لا يعرف الجمهور مدى الجهد الذهني الذي يبذله الفنان من أجل رسم البسمة على شفاههم فالإضحاك ليس مهمة سهلة ، ولكنه عملية صعبة تحتاج لإمكانات ومواهب خاصة، والسؤال الآن: هل يبكي فنان الكوميديا؟! وما الشيء الذي يجعله يحزن؟! اقتربنا من نجوم الكوميديا لنعرف منهم إجابة السؤال ونتعرف على الوجه الحقيقي الذي يضحك ويبكي ويتألم ويحزن.
نجم الكوميديا محمد هنيدي يؤكد على أن الكوميديان غالبا ما يكون من الصنف الطيب من الناس لا يؤذي أحدا ولا تتسرب الكراهية إلى قلبه، فهو إنسان يحب الآخرين وعلى استعداد دائم للتضحية والوفاء، ويطلب السعادة ليمنحها لمن حوله، مثل هذا الإنسان لابد أن يبكيه أي موقف مؤثر أو إنساني، وهكذا أنا ومعظم فناني الكوميديا أناس لدينا درجة الإحساس عالية جدا ، لذا عندما يمثل الكوميديان أدوارا تراجيدية يكون على درجة من الصدق عالية جدا، مثل دور فناننا الكبير عبدالمنعم مدبولي في فيلم ''مولد يا دنيا'' وغنائه الشجي لأغنية ''طيب يا صبر طيب'' وتجاوب الجمهور معه بشكل ليس له مثيل.
أما الفنان أحمد بدير فيرى أن المشكلة هي أن كثيرا من الجمهور يتصورون أن الفنان الكوميدي مخلوق ضاحك لا يعرف البكاء ولا يعيش المشاكل وحياته كلها ضحك في ضحك ولا يتأثر بشيء، وهذا مفهوم خاطئ ، لأن الفنان الكوميدي بشر يضحك ويتألم ويبكي ويتوعك.
ويضيف بدير: أنا شخصيا أبكي عندما أتعرض للظلم والغدر، فهناك غدر الصداقة وغدر أصحاب المهنة، وعلى المستوي الفني أبكي كلما شاهدت فيلم ''غزل البنات'' خاصة عندما يغني الموسيقار محمد عبدالوهاب أغنية ''عاشق الروح'' والراحل الكبير نجيب الريحاني يعبر بوجهه عن فيض مشاعره ويبكي بصدق.
ويقول الفنان الكوميدي أشرف عبدالباقي إنني دائما أحب المرح والسعادة والضحك، لكن توجد ظروف تستدعي البكاء رغم أنفي ولا أستطيع أن أتمالك دموعي وهي تتساقط، فأبكي لرؤية رجل عجوز غير قادر على السير وبعض الصبية يسخرون منه ، كما أتأثر بأي إنسان يبكي وأتفاعل معه على الفور، وأبكي كلما شاهدت الأفلام التراجيدية ، فقد دمعت عيناي طوال مشاهدة فيلم ''لا تبك يا حبيب العمر'' لفريد شوقي ونور الشريف لأنه كان مؤثرا لأقصى درجة ويحمل مأساة واقعية.
ويعترف نجم الكوميديا وحيد سيف بأن فرصة النجاح تبكيه ، فهو يتأثر بانفعال الفرح لملاقاة جمهوره في المسرح، وحين يرى التقدير الأدبي للعلماء والفنانين والمفكرين ، فتفيض مشاعره بالفرح ولا يستطيع أن يحبس دموعه من شدة التأثر.
ولا ينسي وحيد سيف لحظة بكاءه عند تسلم ابنتي الكاتب الكبير نجيب محفوظ لجائزة نوبل، ولحظات تكريم المبدعين التي تسعد كل المصريين والعرب في كل مكان.
وتؤكد عبلة كامل ممثلة الكوميديا الأشهر حاليا أن اللحظات الإنسانية تحتمل وجهي القناع والحزن والفرح وتقول: الشيء الغريب أنني أبكي عندما أشاهد فيلما هنديا ، فالمأساة التي تحدث في هذه الأفلام العجيبة تبكيني ورؤية دموع أي إنسان مهما كانت تهزني وتبكيني لأنني إنسانة حساسة جدا في مثل هذه المواقف ولا أستطيع أن أخفي مشاعري.