الهوايه : عدد المساهمات : 632 السٌّمعَة : 2 تاريخ الميلاد : 25/11/1993 تاريخ التسجيل : 04/10/2009 العمر : 30 الموقع : tanawiyatimamali.yoo7.com
موضوع: إقليم خريبكة : هل سنجد أنفسنا أمام بوادي بلا سكان الجمعة ديسمبر 25, 2009 8:08 am
إقليم خريبكة : هل سنجد أنفسنا أمام بوادي بلا سكان
*** الشرقي بكرين
الجفاف، وهجرة الأبناء إلى إيطاليا، ورغبتهم في الانتقال إلى العيش بالمدينة، وانتزاع الأراضي من طرف المكتب الشريف للفوسفاط، بالإضافة إلى الإهمال الذي يعانيه سكان العالم القروي منذ أمد بعيد، كلها عوامل هددت استقرار القرويين، وأوشكت على دفعهم إلى الانصراف عن رعاية أراضيهم والنزوح إلى المدينة، الشيء الذي ترتبت عنه انعكاسات خطيرة على مدينة خريبكة، والقرى على حد سواء. «واش العروبي اللي تيشري الدقيق والبيض والدجاج والزبدة والحليب من الحانوت يسمى بالفعل عروبي؟» يقول حجاج (70 سنة).
وأضاف أنه اضطر لترك أرضه والهجرة نحو المدينة للبحث عن ظروف عيش أحسن. فعنده أن العالم القروي بمنطقة خريبكة يساهم لمدة طويلة في تنمية الوسط الحضري دون أن تكون استفادته على قدر إفادته، في غياب تنمية هذا العالم القروي الذي تضرر كثيرا خصوصا في السنوات الأخيرة بفعل سنـــــوات الجفاف، التي أتت على الأخضر والــــــــــــيابس في جل المنـــــطقة.
ولا يفوت حجاج أيضا أن يعبر عن قلقه من هذه الوضعية التي أجبر عليها، خاصة أن الأغلبية من معارفه بالأرض التي نزح منها، تمكن بعض أفراد عائلتها من الهجرة إلى إيطاليا، وفي ظرف وجيز استطاعوا شراء منزل بخريبكة، وهجروا أرضهم مضطرين لا مخيرين. «لقد فكرت كثيرا، ليس من السهل على الإنسان أن يترك الأرض التي ورثها أبا عن جد, وان يترك فضاء الله الواسع بالبادية، والهواء الطلق، ويهاجر ليستقر في غرفة فوق السطوح رفقة زوجته وأبنائه الثلاثة -بنتان وولد- وكأنهم دجاج داخل خم »".
و لحسن حظ هذا السيد أن البنتين اشتغلتا على التو، الأولى (16 سنة) خادمة في بعض البيوت مقابل مبلغ 500 درهم يتقاضاها الأب عند مطلع كل شهر بنفسه، والبنت الثانية (13 سنة) اشتغلت بمطعم شعبي تساعد صاحبه، مقابل 150 درهما للأسبوع، وتشتغل طيلة أيام الأسبوع. أما الابن البكر (18 سنة) فاختار أن يحصل على عربة استغلها )لبيع الخضر( كبائع متجول، والأبناء الثلاثة لم يتجاوزا في دراستهم مستوى السنة السادسة ابتدائي، أولا لبعد الإعدادية عن مكان سكناهم، وثانيا لضيق ذات اليد لدى أسرتهم، في حين اكتفت الأم بالجلوس في البيت، لكونها مصابة بمرض مزمن يجعلها تستعمل الأدوية بشكل دائم، وهي اليوم لا تخفي سعادتها بكونها أصبحت تحصل على الدواء بشكل إيجابي مما انعكس على تحسن صحتها، وحجاج الأب، لا يخفي ضيقه من الحياة التي جعلت منه إنسانا «لا يليق لشيء» لكونه أصيب بالعياء نتيجة خروجه للعمل في سن مبكر، ولشقائه المتواصل في الحصول على لقمة عيش له ولأبنائه، وإن كانت لديه نية البحث عن عمل كحارس، يمكنه من الحصول على موارد إضافية تساعد أسرته على العيش.
حالة أسرة حجاج ليست الوحيدة ولا الأولى ولا الأخيرة بالمنطقة لا سيما أن إقليم خريبكة على وجه الخصوص لايزال يعرف خصاصا كبيرا في التجهيزات والخدمات الأساسية والانتشار واسع النطاق للأمية، مما يشكل ضغطا قويا على الأرض ويزيد من تدهور المردودية والإنتاج، إضافة إلى التهميش والفقر المتزايد للسكان.
إن هذا الوضع يؤدي إلى إعاقة انطلاق التنمية الشاملة والمستديمة، نظرا لتقلص دور العالم القروي في تموين بقية القطاعات الاقتصادية وفي استيعاب منتجاتها وخدماتها. كما يؤدي إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية بين العالمين الحضري و القروي والى إضعاف الوحدة والتماسك ؛في غياب عناية مستدامة وتزويد البادية وتجهيزها بجميع المحفزات على الاستقرار والإنتاج وذلك بفك العزلة عن القرى بإقليم خريبكة وإيصال الخدمات الأساسية كالمد بشبكة الطرق والمواصلات والكهرباء والتزويد بالماء الصالح للشرب وتوسيع نشر الوحدات المدرسية والمهنية ومراكز الصحة والوقاية والأندية الرياضية والثقافية وتأهيل الإنسان القروي لمواجهة متطلبات التنمية المستديمة بإنجاز برنامج طويل المدى لمحاربة الأمية وسط السكان القرويين رجالا ونساء، بالإضافة إلى الاعتناء بالمرأة القروية وتحسين أوضاعها وخلق نواد نسوية لتوعيتها وتعليمها مع نشر وحدات صناعية وخدماتية, إضافة إلى القيام بدورات وبرامج تكوينية متنوعة وسط مختلف فئات السكان لتطوير مهاراتهم وتلقينهم مهارات جديدة تتعلق بالإنتاج الزراعي والحرفي والتدبير المنزلي.