حطان بين البطالة السافرة و الهجرة
رغم أن مدينة حطان وجدت في قلب الثروة، إلا أن معظم ساكنتها ظلت تعيش في
حالة بطالة سافرة و من حالفه الحظ و وجد فرصة عمل في المنطقة كان عليه أن
يدفع في المقابل رشوى و هو فوق ذلك عمل غير قار. وقد وجد بعض الشباب - بعد
أن سدت في وجههم كل الأبواب - الحل في العمل في ورشات البناء الصغيرة يؤمن
لهم مصروف الجيب و لا يزيد عن ذلك.
و مؤخرا جاءت الى المنطقة ما يعرف "بشركات المناولة"
التي وجد فيها المكتب الحل للتملص من واجباته، لا تحترم أي حق من حقوق
العمال المعروفة، ساعات عمل فوق ساعات العمل القانونية، أجور هزيلة لا تصل
حتى الى مستوى الحد الأدنى للأجور في المغرب… و مع ذلك ففرص العمل و لو في
ظل هذه الظروف تبقى شبه معدومة لأبناء المنطقة، بينما المناجم تعج
بالغرباء من أصحاب النفود و دافعي الرشوة كأن العمل في المناجم حلل للغريب
و حرم على أبناء المنطقة. فالمكتب لا يشاور أحدا في نزع ملكيته (بمقابل)
إن احتاجها، لكنه لا يحترم واجبه في ضمان و لو الحد الأدنى من العيش
الكريم لأبناء المنطقة. و في الوقت الذي يبرع فيه في هضم الحقوق لأصحابها
يبرع كذلك في انفاق ملايير الدراهم في دعم مهرجانات الموسيقى الفارغة التي
لا تقضي على بطالة و لا تشبع البطون الجائعة و لا حتى ترتقي بمستوى الشعب
الفكري و الثقافي و أين ؟؟ ليس بخريبكة أو بحطان و إنما بالرباط و البيضاء
و أكادير…
في مطلع التسعينات اجتاحت المدينة حمى الهجرة الى الخارج، وقد وجد الشباب في
الحريك الحل المناسب، و سرعان ما تحولت الهجرة السرية الى هجرة قانونية
رغم مآسيها و أحزانها، خرجت عائلات بأكملها من حرمان الفقر و انتقلت بها
للعيش في مدن أخرى.
الكل يهرب؛ من هرب الى خارج البلاد و من هرب الى خارج المدينة لينفذوا
بلقمة عيشهم. و الغريب أنهم يهربون من أرض الثروة. بالأمس ركبوا قوارب
الموت و اليوم يركبون أي شيء، و سيظلون يركبون و يهربون. فما الذي جعل
القط يهرب من دار العرس ؟؟؟؟…