حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم

5/01/10

الكاتب : رضوان بلحلاج

تمنحنا مباراة كرة القدم الكثير من
المشاعر المتناقضة، حيث الفرح والنشوة بعد كل فرجة ومتعة تعقبها نتيجة
مرضية، وحسرة وألم عقب كل انكسار وتواضع أو سوء حظ يجعلك تحس ب “الشمتة”
عندما لا تنصفك الكرة وتتلقى ضربة موجعة رغم كونك الأفضل في المباراة.

وتصر بعض المباريات على التلاعب بعواطفنا
وأحاسيسنا عندما تأسرنا المستديرة وتجعلنا طوع أمرها بانتظار إصدار حكمها
النهائي الذي لا يخضع في كثير من الأوقات للمنطق، خصوصا في آخر الثواني
التي تعودنا في السنين الأخيرة أن تكون حاسمة بشكل كبير، إذ تأبى أن تمنحنا
حريتنا المنشودة وتجعلنا معلقين بقراراتها ننتظر الصافرة النهائية للحكم
لترفعنا إلى السماء بهدف خرافي يعيدنا للواجهة، أو تخسف بنا إلى سابع أرض
بهدف يبعثر أوراقنا ويعكر صفونا ويجعلننا نندب الثواني المضافة.

والأكيد أن أروع إحساس هو الفوز بهدف في
آخر الثواني، هدف يخرج من رحم المعاناة لتحرر من كل القيود فتشاهد فرحة
هيستيرية لدى الجميع يعبر عنها بكل الوسائل والطرق، وبالمقابل فالعكس يولد
لديك أسوأ إحساس، إحساس لا يهضم ويجعلك في كثير من الأوقات جامدا دون حراك…

تختلف الأحاسيس باختلاف النتائج والمردود،
وتختلف أيضا باختلاف موقع المتابعة والمشاهدة،إذ تجعلك بعض المباريات
قادرا على التعبير عن تفاعلاتك مع مجريات المباراة دون قيد أو شرط ودون أن
يصادر أحد هذا الحق المشروع من التفاعل سلبا أو إيجابا مع معطيات المباراة،
بينما يصادر منك هذا الحق في أحايين كثيرة لتجبر على التفاعل بحذر مع بعض
المباريات، خصوصا في تلك الملعوبة خارج الميدان، إذ تعتبر أسوأ مشاهدة، هي
تلك التي ترمي بك إلى جانب الفريق المنافس، حيث تجد نفسك مجبرا على كتم كل
الأحاسيس وإخفاء كل تعابير الوجه ومصادرة الفرحة والتفاعل مع كل المحاولات،
لأن غير ذلك معناه شيء آخر في الواقع الكروي الذي نعيشه، ومعناه أن لا
تخرج سالما من مباراة تتحول في كثير من الأحيان إلى معركة لا تعترف ببند
يحمل اسم الروح الرياضية والحق في الاختلاف …

كثيرا ما وضعت نفسي في هذا الوضع المحرج،
وكثيرا ما عانيت عندما أفرض على نفسي التواجد وحيدا وسط جمهور الفرق
المنافسة دون سند لأسباب مختلفة، لأجد نفسي في وضع محرج، “لهلا يكتبو على
شي مسلم”.

من طبيعتي أن لا أجلس ساكتا اثناء
المباريات، ليس ل “الزهو” والتشجيع كما يفعل أعضاء الالترات والذين أحييهم
على مجهوداتهم وعلى الفرجة التي يمنحنوها في المدرجات، لكن لتحليل
المباريات وقراءة مواقع اللاعبين والخطط ومناقشة الأداء ومستوى اللاعبين
وداكشي كامل د التخربيقولوجي، وربما أبدأ في كتابة الكثير من المقالات في
آن واحد حسب مجريات ومتغيرات المباراة والتي يبقى أغلبها أسير دواخلي، هذا
الفضول يدفعني للتواصل مع المتواجدين بمقربتي في حوارات هامشية ولو اختلفت
انتماءاتنا، حوارات أسعى دوما من خلالها إلى تكملة رؤيتي للمباراة ولو من
نطاق آخر، لأرى الإفادات التي يمكن أن يقدمها لي الرأي الآخر دون تعصب أو
مغالاة…

وحسب المحيط الذي أتواجد به، أتفاعل مع
المباريات وأسعى بكل ما أوتيت من قوة لإخفاء انتمائي إذا رأيت أن الأمور
ربما تسير عكس التيار وعكس المأمول، والمشكل واخا تحاول تخفي تفاعلك مع
محاولات وأهداف فريقك مكتقدرش تصمد، باقي عاقل فواحد الماتش فبني ملال، غير
كتجي شي محاولة د خريبكة، كنgمز، ورجلي كتحرك غير بوحدها، خنزر فيا للي
حدايا مزيان هو يقول لي، خريبكي نتا، بقيت نشوف وأنا نgر… ولكن الحمد لله
موقع والو، كملنا الماتش وهو كيمدح في الفرقة واخا محاملش…

في مثل هذه المبارايات، أحاول تقمص العديد
من الأدوار حسب الأجواء، ففي المباراة السابقة ضد النادي القنيطري، تفاعلت
بشكل كبير مع محاولات الفريق في الشوط الثاني رغم تواجدي وسط جمهور فريق
النادي القنيطري ودون أن يقوم بأي رد فعل، لكن الأمور لا تسير على هذا
النحو في كثير من المباريات والتي أسعى في بعضها لتقمص دور مشجع الفريق
المنافس، لكن ذلك المشجع الذي لا يعجبه أي شيء والذي ينتقد في كل وقت وحين،
وهو الدور الذي يجعلني أكثر أريحية عندما أقرن تدخلاتي مع بعض الاستفزازات
المبطنة والتي يكون وقعها كبيرا كلما تألق فريقي ولاعبوه وكلما ازداد تعصب
جمهور الفريق المنافس.

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم 6

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم 6

في المباراة الأخيرة ضد فريق الرجاء
البيضاوي، قررت التواجد بالمنصة ظنا أني سأجد بعض الخريبكيين هناك وبعض
الاسماء التي ألفت التواجد هناك لأجد نفسي وحيدا وسط جمهور فريق الرجاء
البيضاوي الذي ملأ المنصة الخاصة بفريق الوداد البيضاوي، خصوصا بعد أن أصر
جواد زميلنا في الموقع، و رفيقي في التنقلات إلى ملاعب المملكة في السنين
الأخيرة على ممارسة هواية الزهو التي يتقنها وأصر على التواجد رفقة الترا
الكرين كوست ومساندة الفريق رغم كل الإغراءات المقدمة والتي قاومها بشدة
ومن بينها إمكانية الدخول على حسابي للمنصة، إلا أنه لم يغير مبادئه وأصر
على الدخول إلى زاوية فريميجة، ليتركني أصارع واقعي وحيدا خصوصا بعد أن
أخلف صلاح الموعد مجددا و لم يلتحق بالعاصمة الاقتصادية للممكلة بعد أن
أجبرته حسابات آخر لحظة على الاكتفاء بالاستمتاع بالمباراة على نغمات
المرتزق يسري المراكشي،

لكني وجدت نفسي وسط فئة متشددة بدأت بالسب
والتقليل من قيمة الفريق الخريبكي قبل بداية المباراة لأقسم على الانتقام
منهم ولو باللعب بالكلمات كما هو حالي دائما… ابتدأت المباراة وحاولت جاهدا
تمالك نفسي لبعض الاستفزازات التي تحط من قيمة الخريبكيين، وزاد الاصرار
على الرد، خصوصا مع المتعصبين الذين كانوا يحيطون بي، لكن سرعان ما بدأت
أجد الايقاع الصحيح بعد أن ساعدني اللاعبون على ذلك بسيطرتهم على مجريات
المباراة وعلى تمرير الكرة بشكل محكم عن طريق مترابطات بين اللاعبين،
جعلتني أجد الطريق للرد…

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم IMG_0451

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم IMG_0451

- وحشومة
ا صاحبي واش، هادي فرقة، غير براهش صغار كيقريو الرجا الكرة، والله حتى
عار

- وعندك الحق وتقول خريبكة هي للي مدخلة
الرجاء

- وراه
واخا تكون مدخلها، راه الشوهة تلعب الرجا بهاد الطريقة قدام لاعابة مازال
يالله بداو، وتا شوف قداش كيبانو، غير الله يحفظ من شي فضيحة اليوم، باينة
غادي تكون شي تسخسيخة مزيانة اليوم شوف ا صاحبي والله حتى هاجمين علينا،
والميليو والو خاوي، ناري دايرة كرة دقة دقة، والفقسة..

شوية هو ينقز واحد من ورانا فيه غير
الهضرة وصداع الراس، ولاعلاقة

- وراه الرجاء غادي تربح واخا غير بواحد
راه رابحين غير بلا متقلقو

ليجيبه الجالس بجنبي:

- وراه مبقاتش في الرباح، بغينا نتفرجو في
الكرة هي اللولة

- وداكشي
للي كاين، خاص نشوفو الكرة عاد نشوفو النتيجة، والمشكل دابا مكاين والو،
راه حتى خريبكة كيبغيو الفرجة والأداء على النتيجةن شوف والله حتى كيفرجو،
من هنا لواحد عامين تلقاها مادية الشمبونيا

- وتا سكت راه غير عروبية هادوك

- وعروبية
وشوف هاد الشوهة للي دايرين لينا، راه حنا للي عروبية دابا، أما هما راه
مقرينا الكرة، اويلي شوف هشام غادي بفرقة…

توالت دقائق المباراة وبدأت أجد متعة
كبيرة في لعب هذا الدور وفي متعة المباراة التي تفنن لاعبوا فريق أولمبيك
خريبكة في السيطرة على مجرياتها، مرددا في نفس الوقت، البادئ أظلم

وكان يحتد النقاش عند كل قرار تحكيمي حيث
يتفاعل معه جمهور فريق الرجاء البيضاوي حسب وضعه، فإن كان لصالح فريقه
يزكيه وإن كان ضده، يحتج، وبدأت أحاول أن أكون منطقيا في بعض التدخلات
بخصوص القرارات التحكيمية خصوصا عند ضربة الجزاء التي تغاضى عنها الحكم
لصالح الأولمبيك والتي لم تحظى بالإهتمام الإعلامي كما هو الحال بالنسبة
لمحاولات فريق الرجاء البيضاوي والتي أقامت الدنيا ولم تقعدها منذ يوم
الجمعة وتفنن الصحفيون ورجال الإعلام والمعلقون في “توضيح” الأمر ضاربين
بعرض الحائط جملتهم المعودة والتي تصيب بالإحباط، هاهي الاعادة ولكم
التعليق، الحيادية تمنعنا من التعليق عليها وغيرها من الجمل التي تم شطبها
من قاموسهم الذي لا يوجد إلا في قناة اسمها الرياضية وفي أشباه صحفيين
ومعلقين همهم الأوحد هو المصلحة الشخصية وتغليب الانتماءات على المهنية…

- ولاربيت
دار معانا المزيان، وبيلانتي هداك، هذا غادي يدير بحال ديال المسيرة الله
يكثر من أمثالهم

- عندك الحق، هو بيلانتي، الله يستر مع
هاد الفرقة اليوم

- وبان
ليا الخسران هو للي كاين، شوف مسلوب كيف كيتمشى في التيران والله مقاد
يجري، ناري على لاعب، وشوهة هاد الرجا اليوم

- وهداك راه خاصو يمشي بحالو لشي فرقة

- وراه
حتى فرقة متقبل عليه راه صافي سالا يمشي يتكمش

انتهى الشوط الأول على إيقاع الاحتجاج على
أداء الفريق الرجاوي بطبيعة الحال، الشوط التي استمتع فيه الجمهور
الخريبكي بأداء فريقه، والشوط الذي استمتعت فيه بالحديث مع هؤلاء الاشخاص
رغم أني كنت أنتفض واقفا من مكاني مع كل محاولة للفريق الخريبكي، وأنظر
باتجاه محيطي مرددا اناري اش غادي يديرو هادو…

بدأ الشوط الثاني، وبدأ معه الترقب
والانتظار خصوصا والضغط الرجاوي الذي كان ينذر بهدف البداية وهو ما جعلني
أبتلع لساني مع كل عبارة من الجماهير الرجاوية المرددة للهدف آتي في هذه
اللحظات قبل أن انتفض مع ضربة الجزاء المعلنة والتي تلقى على إثرها الحارس
يونس عتبة للكثير من عبارات السب والقذف والمطالبة بالرحيل، لأبدا بتبرير
قرار الحكم

-أي
حكم غادي يعطي بيلانتي فهاد الحالة، واش هو خرج من ورا 4 كيتفرجو فيه
وزادها الحارس خارج، وحشومة على فرقة شوهو هاد النهار

- هاهما دابا غادي يسجلو ويخليونا نقلبوا
على التعادل

لكن المعطيات تغيرت عندما حصل فريق الرجاء
البيضاوي على ضربة الجزاء التي منحته التعادل، والتي حتمت علي إخراج كل
مقدراتي لكتم تعابير وجهي المليئة بالحسرة

-هاهما غادي يقتلو هاد للي شد الكرة بيدو،
خرج عليهم

- مشفتيش
حنا راه خرجو علينا 4 وزيد الحارس هو 5، هما راه غير واحد، وداير بون
ماتش، والخطأ راه كيوقع، وإلى كان واحد، أما رباعة دير خطأ راه هاديك هي
المصيبة

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم ShowImage1

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم ShowImage1

خنزر فيا واحد التخنزيرة فشكل، حملت
علامات الريبة والشك في انتمائي، لكنه لم يجد دليلا يثبت تورطي، قبل أن
يسقط الهدف الثاني كقطعة ثلج، جعلني ألزم مكاني وزاد من إحساسي بالشمتة
وبدأت أبحث عن تعابير تفي الفريق حقه رغم الهزيمة التي كانت وشيكة، لأن
الفريق قدم كل ما عليه مع بعض التحفظ على تغييرات المريني التي حملتها
لمساعده عقب نهاية المباراة وقبل إقلاع حافلة لافريق من المركب الرياضي
محمد الخامس والتي وجد لها بعض التبريرات المنطقية كالعادة.

عندما رفع الحكم دقائق الوقت الاضافي،
وبعد مرور القليل منه، ودعني شخصين، غادرا مكانهما مهنيئين البقية بالفوز
المحقق، ولم يكن يخطر ببالهما أن الكرة ستنصف الفريق الخريبكي ولو بنقطة
واحدة بمجرد مغادرتهما حيث تمكن فريق أولمبيك خريبكة من تسجيل هدف التعادل
بعد بناء هجومي منسق، تفاعلت معه بشكل كبير متناسيا كل ظروف اللقاء وكل
المعطيات لأقفز من مكاني، قبل أن أمسك رأسي من هول الصدمة، فلم أكن أتوقع
تسجيل الهدف إذ كنت أراقب الحكم الذي كان على وشك الإعلان على نهاية
المباراة كما أن فريق أولمبيك خريبكة منذ مدة طويلة لم يعودنا على الرجوع
في المباراة خصوصا في الوقت بدل الضائع، التفت إلى البقية لأجدهم ينطرون
إلي نظرة كلها ريبة وشك، لكن صدمتهم كذلك كانت كبيرة:

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم IMG_0528

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم IMG_0528

حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم IMG_0530

- ناري
اش دارو هادو، وناري على فرقة، والله حتى جابو التعادل، والصراحة يستحقوه،
لعبوا مزيان وبقاو شادين الماتش حتى لآخر ثانية…

- كلشي من الحكم، زاد الوقت

- نتا
مال الحكم، واش هو للي ماركة بهاد الطريقة، واحد لاعب في الجهة اليمنى ،
جا مسركل حتى للجهة اليسرى وسونطرة الكرة واش كانو ناعسين… ووالو ما رجا ما
والو يمشيو يقادو فرقة راه العام قرب يسالي

- ايوا الصبر، أش غادي نديرو مع هاد غلام،
عاطيها غير للتسقريم، الله يعاونك اخويا

- الله
المعين، تبارك الله عليكم…

غادر الجميع وانتظرت في الملعب كما العادة
قبل التوجه صوب مستودع الملابس للحديث مع بعض اللاعبين والطاقم التقني
والطبي…

انتهت الأمور بسلام، وغادر الجميع الملعب
بمافيه الجمهور الخريبكي الذي ظل مرابطا بالملعب لأزيد من ساعة قبل أن يتم
ترحيله في الحافلات التي حملته من باب الملعب لأغادر بدوري الملعب، وأظن
أني استمتعت بالتواجد وسط مشجعي الفريق الخصم هذه المرة، لكن لا أدري هل
سأكررها مجددا أم لا، أظنها ستكرر رغم أني في كثير من المرات أقول العكس…

بانتظار ذلك دمتم بود

merciii

merciiiiiiii

» حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول
» لكل شهر حكاية
» حكاية نسر اصبح....
» من ألبوم حكاية شعب نشيد | ثوب الفرح | لمنشد الإعتصام | كفاح زريقي | ηєω 5-2009 ]