حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول…

18/12/09

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول 7-300x225

الكاتب: رضوان بلحلاج

مع حلول موعد مباراة أولمبيك خريبكة
والنادي القنيطري والتي يحتضنها الملعب البلدي بالقنيطرة، تعود بي الذاكرة
شيئا ما إلى الوراء وبالضبط إلى يوم السبت 29 شتنبر 2007، هذا اليوم
الرمضاني الذي صادف رحيل فريق أولمبيك خريبكة إلى مدينة القنيطرة
لمواجهة ناديها المحلي برسم الجولة الثانية من الموسم الرياضي 2007/2008،
وكانت هذه المباراة التي ستبقى خالدة في أذهان الجماهير التي حضرت، هي
المباراة الأولى لفريق النادي القنيطري بملعبه بعد تحقيقه الصعود لقسم
الاضواء، وكان طبيعيا أن تستقطب جماهير غفيرة جاءت لمساندة فريقها وتشجيعه
بعد أن جدد العهد مع مباريات القسم الأول ومنازلة الفرق الكبيرة والبداية
من بوابة بطل المغرب الذي أرعب الجميع في الموسم الذي سبق، لينتظر الجميع
مباراة حارقة، وهو ما كان فقد كانت حارقة بكل المقاييس، خصوصا في
“المدرجات”…

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول CONVAR313

تقرر الرحيل ومرافقة الفريق الذي كان يدير
دواليبه التقنية المدرب الفرنسي فرانسوا براتشي إلى القنيطرة على أمل
إعادة سيناريو الموسم الذي سبق والدفاع عن الألقاب المحصل عليها، وتدارك
تعادل البداية بهدف دون رد أمام الرجاء البيضاوي، وتم التنسيق مع مجموعة
أصدقاء كنا كنمشيو مجموعين لكل مباريات الأولمبيك خارج وداخل الميدان،
ونبدأ هواية التحليل ومناقشة وتقييم أداء الفريق، ومن بينهم مدير تحرير
موقع “ديما ديما أوصيكا” صلاح، ومراسل الموقع عبد الله إضافة إلى أحد
الأصدقاء و واحد داير دوبل ناسيوناليتي، عاشق للكاك ولخريبكة رغم أن
القانون الكروي يجرم هذا الفعل إلا أننا نسامحه لتواجده الدائم معنا…
تقرر أن تكون نقطة التجمع ومكان الإلتقاء هو العاصمة الرباط، على
اعتبار أن صلاح وأيوب وعبد الله قادمون من خريبكة مباشرة إلى
مدينة الرباط حيث التحقت بهم قادما من الدار البيضاء، فيما كان الصديق
الآخر بالانتظار بمحطة القطار لتكون الانطلاقة بعد ذلك صوب مدينة القنيطرة
التي لم نكن نتوقع أن نعيش فيها كل تلك الأحداث ولم ندرك أن المجهول كان
بانتظارنا.

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول 8

طيلة المدة الفاصلة بين مدينة الرباط
والقطار كان محور الحديث حول فريق أولمبيك خريبكة وحول ضرورة الرقي
بالفريق من كل الجهات ودورنا نحن في رسم تلك الصورة الحضارية عن الفريق
على اعتبار أننا كنا نداوم على النقاش بعالم المنتديات التي جمعتنا دون
موعد مسبق وعرفتنا على بعضنا البعض وقوت أواصر صداقتنا، وكان همنا هو
كيفية العمل على الارتقاء بالصحيفة الخريبكية التي تعنى بشؤون الفريق
بعالم المنتديات والتي كانت تشهد تنافسا كبيرا بين كل صحف الفرق المغربية
حيث انتقلت المنافسة من على المستطيل الأخضر إلى المدرجات لتصل إلى العالم
الإفتراضي، عالم الانترنت والمنتديات، لترسم صورة مشعة عن الفريق.

لم يقطع حديثنا سوى إعلان الوصول إلى
محطة القنيطرة حيث كان ينتظرنا أحد أصدقاء أيوب الذي رافقنا إلى الملعب
وساعدنا على اقتناء التذاكر من السوق السوداء، وتواعدنا على الالتقاء بعد
نهاية المباراة حيث كانت المتنيات وكانت كل مؤشرات البداية توحي أن
الأمور ستسير على ما يرام وأن الروح الرياضية ستكون حاضرة رغم الجماهير
الغفيرة التي اصطفت أمام أبواب الملعب البلدي بالقنيطرة ورغم سوء التنظيم
الذي شاب العملية.

بسم الله، دخلنا إلى الملعب وحتى أشد
المتشائمين ما كان كيتوقع المصير للي كان كينتظرنا، الامور في البداية
عادية، اخترنا مكانا في أقصى المنصة الشرفية بعد أن كنا أول الواصلين من
الجمهور الخريبكي و اتصلنا برجال الأمن لنخبرهم أننا خريبكيين ونبحث
عن المكان المخصص لنا، أولى الصدمات كانت عدم تحديد مكان خاص بالفريق
الضيف حيث توجهنا إلى أقصى الملعب للابتعاد عن جماهير النادي القنيطري لكي
لا تكون هناك مشادات عند حضور بقية الأفراد والذين يختلط فيهم الصالح
والطالح، الامور لحد الآن على ما يرام، دخل الفريقان للقيام بعملية
الإحماء، تجولنا في مختلف أرجاء الملعب لأخذ صور مختلفة لإغناء الصحيفة
ولوضع تقارير بعيون خريبكية في عالم المنتديات ولم تكن هناك أي احتكاكات بل
لقينا الترحيب من بعض الأشخاص رغم بعض العبارات التي تحاول استفزازانا
إلا أن الجميع كان محافظا على هدوئه قبل أن تتغير الأمور رأسا على عقب مع
امتلاء الملعب عن آخره ودخول الجمهور القنيطري إلى المكان الذي كان محميا
من طرف رجال الأمن والذي كان مخصصا لنا، رغم تدخلات القلة القليلة من رجال
الأمن التي تواجدت بالملعب والتي كانت بعدد أصابع اليدين معا، ومع إعطاء
ضربة البداية وصل الجمهور الخريبكي الذي تأخر في الوصول، ليجد نفسه بدون
مكان ورغم أجواء البداية التي حضرت فيها الروح الرياضية إلا أنه بدأت بعض
الإحتكاكات والملانسات أشعلت فتيلها بعض الفئات من الطرفين، لتبدأ الفتنة
ونجد أنفسنا بعيدا عن المدرجات حيث بدأ “رجمنا” بالحجارة خصوصا بعد
الدقيقة العشرين من المباراة والتي عرفت توقيع اللاعب هيدان للهدف الأول
لصالح فريق النادي القنيطري…

قر رجال الأمن أن نغير مكاننا لنتحول خلف
المرمى حيث غياب المدرجات، وبالتالي نفينا بعيدا عن متابعة المباراة حيث
تنعدم رؤية الملعب وما يجري فيه، وهنا بدأ الاحتجاج الكبير من طرف
الجمهور الحاضر على رجال الأمن وعلى هذا التسيير العشوائي، ودخلت شخصيا في
مشادات كلامية مع بعض رجال الأمن ومع المسؤول عن الأمن اشتد وطيسها عندما
بدأت السماء تمطر أحجارا كبيرة حيث تخلى الجمهور القنيطري عن مساندة
فريقه ليهتم بشؤوننا ويجبرنا على الاحتماء بسور الملعب خوفا من الأحجار
التي لو سقطت إحداها على أحدنا لأردته قتيلا.

لم يسبق لي أن غضبت بذلك الشكل حيث أبشع
الصور يعيشها الجمهور الخريبكي دون أن يحرك رجال الأمن ساكنا، لترتفع حدة
صوتي وأنا أتحدت مع المسؤول الذي كان يكتفي بالقول “هاحنا معاكم”

لأصرخ في وجهه

“غير عطينا التيساع إلى كنتم ماغادينش
تحميونا غير سيروا خليونا راه دابا وجودكم بحال عدمو، ربما متكونوش حسن”

قبل أن أفاجأ برجل أمن بغى يطلع gراد
وبغى يمثل فيها واعر يمسك بي ويبدأ في اقتيادي خارج الملعب، ليتدخل بعدها
المسؤول ويطالب بعودتي بعد أن حدثه عبد الله وأخبره ببعض الاشياء عني،
ويخبرنا أنه لم يتوقع هذا التصرف الهمجي من أنصار فريق النادي القنيطري
وأنه كانوا ينتظرون بشغف هذه المباراة التي تعتبر الاولى بعد مواسم قضاها
في القسم الثاني.

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول CONVAR311

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول CONVAR310

اهتز الجمهور فرحا بعد أن رأى الفريق
يسجل هدف التعادل في الدقيقة السابعة والثمانين بواسطة اللاعب إبراهيم
لاركو، فرحة لم أشاهدها من قبل عند الجمهور الخريبكي،فرحة نابعة من أعماق
القلب اعتبرت كرد اعتبار لكل ما عاشه الجمهور، حيث حضرت كل أنواع
“الحكرة”، تعسف أمني صارخ، وتنظيم سيء وحكرة كبيرة من الجمهور القنيطري
لتشتد المعركة من جديد ويبدأ الرجم من خارج أسوار الملعب بعد أن غادرت بعض
الجماهير القنيطرية الملعب، قبل أن ينسف خطأ دفاعي كل المجهودات عندم
تمكن اللاعب الركادي تسجيل هدف الفوز في الوقت بدل الضائع، هدف نزل كقطعة
ثلج على أنصار فريق أولمبيك خريبكة الذين منهم من افترش الارض ووضع يديه
فوق رأسه من هول الصدمة.

انتهت المباراة وسط فرحة هستيرية لفريق
النادي القنيطري، مسيرين، لاعبين وجمهور، فقد كان أول فوز يتحقق لهم في
القسم الوطني الأول وكان على حساب الفريق البطل، وأصبحنا ننتظر فقط وقت
الرحيل بعد أن فرغت لنا الجماهير القنيطرية وبدأت تتوعدنا بالمزيد عند
خروجنا من الملعب واشتدت الحرب بين الطرفين فحضر الفعل ورد الفعل .

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول CONVAR315

انتظرنا وقتا طويلا قبل أن نغير مكاننا
قرب الباب إيذانا بإخراجنا من الجحيم الذي عشناه داخل الملعب، وهنا فجر
الجميع غضبه على رئيس الفريق أحمد الشاربي والمدرب براتشي الذي عجز عن
الحفاظ على مكتسبات الفريق الخريبكي، وحاول الرئيس احتواء الوضع، وأصر على
الاحتكام إلى العقل وترك أي محاسبة إلى مدينة خريبكة، ولم تفلح تبريراته
وتفسيراته في الحد من غضب واحتجاج الجماهير والتي طالت اللاعبين والمدرب
الذين ظلوا يراقبون الأحداث عن بعد.

بدأ بعد ذلك رجال الأمن يمارسون هوايتهم
المفضلة ويتمادون في تعسفاتهم حيث تمت مصادرة مجموعة من الهواتف النقالة
التي صورت بعض الأحداث والوقائع وبدأت بعض الاعتقالات في صفوف المشجعين
التي انتهت بصدور العفو الشامل عند الترحيل وإعادة الهواتف النقالة بعد مسح
الصور والفيديوهات التي تؤرخ للحدث.

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول 111

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول 10

كان من الصعب جدا إخلاء محيط الملعب، وهما
يقولو جيبو ليهم الصطافيطات ديالهم لهنا، دخلوهم للملعب ونخرجوهم فيهم
ونتهناو من صداع الراس، وملي ركب كلشي جاء دورنا عندما أخبرناهم أننا
سنغادر لمحطة القطار لأننا لم نرافق الفريق فيما فضل البعض زيارة الأهل
بالقنيطرة

رفضوا خروجنا وطلبوا منا التعاون
والذهاب رفقة البقية على الاقل حتى مدينة الرباط، قبلنا على مضض، وقلنا
الله يسامح

غادرنا مدينة القنيطرة في الصطافيت ونحن
نعيد شريط مباراة ستظل في الأذهان ظننا أننا انتهينا من كابوسها قبل أن
يبدأ مسلسل آخر…

حكاية مشجع: الـــنــاجـــون من المــجهــول 12

غادرنا الملعب في جوج
صطافيطات، تنفسنا الصعداء أننا غادرنا وأننا نجونا من الموت وحمدنا
الله عن عدم إصابة أي شخص بمكروه، لكن سرعان من تغير الوضع ملي خسرات واحد
الصطافيت بعيدا عن القنيطرة بحوالي 20 كلم، احتار الجميع ماهو الحل،
ليتقرر أن يتم وضع الجمهور في صطافيت واحدة، وهنا بدأت ألاحظ بعض
الهمهمات والإشارات من بعض الأفراد والتي فهمت أنها تستهدفنا، لأخبر صلاح
بأنه وجب علينا النزول والمغادرة وهو ماكان، غادر أربعتنا الصطافيت لنفسح
المجال للبقية للتكدس فيها، لتغادر وتتركنا في وسط الطريق كما غادرت
الصطافيت الأخرى رغم العطل الذي أصابها في الوقت الذي اصابنا الذهول.
احترنا ما العمل، وقلنا سير على الله، نكملو طريق رجل ونديرو أوطوسطوب
على أمل يوصلنا شي واحد للرباط أو أقرب مكان يمكننا أن نجد فيه وسيلة
مواصلات، واصلنا المسير مشوشي البال خصوصا ووقت الغروب قد اقترب، إضافة إلى
الجوع والعطش الذي أخذ منا مأخذه فهذا اليوم الرمضاني لم يكن كسائر
الأيام، واصلنا السير على أمل إيجاد حل إلى أن أوقفتنا سيدة عجوز تخبرتنا
اننا نتوجه نحو نحرنا إن واصلنا المسير في نفس الاتجاه، فأمامنا أناس لا
يرحمون، قطاع طرق مدججين بالأسلحة مضيفة أنه لا أحد يقترب من ذلك المكان.
الله على حصلة، وروينة هادي، أش المعلوم دابا… كلها جمل ترددت لكنها لم
تنل من تفاؤلنا وروح الدعابة التي لا أدري من أين استمدينها رغم كل
المعاناة التي عشناها في هذا اليوم.
غيرنا الاتجاه، بحثا عن العودة إلى مدينة القنيطرة، وعدنا من حيث
أتينا، أذن المغرب وبدأ الظلام وبدأنا ندرك صعوبة وقوف أحدهم لنا في هذه
المنطقة، حنا اربعة واي واحد غادي يخاف يتgريسة غير الله يحفط وصافي واله
يدير تأويل ديال الخير، ليأتي الفرج و يكذب أحدهم تكهناتنا ويوقف شاحنته
بعيدا عنا نوعا ما حيث ظهر على ملامحه بعض الخوف، لكنه في الأخير فتح لنا
الباب وأوصلنا إلى مدينة القنيطرة مؤكدا انه كان صعبا عليه اتخاذ قرار
الوقوف في مثل هذا الوقت وفي ذلك المكان، ولو قدر له أن يختار مجددا فإنه
لن يفعل لأنه لا يدري كيف وقف لنا.
المهم وصلنا الله يرحم ليه الوالدين فهاد النهار، واخا جلانا في القنيطرة،
لاحنا في الاخر ديالها، ولكن على العموم نجونا من المجهول ووصلنا لمكان
يمكن لنا منه بدء رحلة العودة مجددا.
انقسم مجموعتنين وتوجهنا للمحطة في سيارة أجرة لنعود إلى نقطة الصفر.
فطرنا واخا قتلنا الجوع وقطعنا في التران وغادرنا باتجاه الدار البيضاء
حامدين الله على نجاتنا، عبد اله وصاحبو نزلو في الرباط، وكملت مع رفيق
الدرب حتى الدار البيضاء حيث أصر على المغادرة الفورية نحو مدينة خريبكة
لأنه لا يحلو له النوم إلا في سريره, لتنتهي رحلة كادت تتحول إلى كارثة
لولا الألطاف الإلهية.

انتهت رحلة قادتنا إلى المجهول، وغيرت
الكثير في حياة بعضنا، حيث منا من أنهى صداقته مع الملاعب ومع التنقل إلى
ملاعب خارج مدينة خريبكة، ومنا من أصر على مواصلة المشوار.

رحلة ظلت لصيقة في أذهاننا ومحور أحاديثنا
في الكثير من المناسبات خصوصا عند اقتراب موعد أي مباراة مع الطرفين.

تبقى الإشارة ان الرحلة الموسم الموالي مرت
في أجواء مثالية حيث أضحت العلاقة الطيبة هي الطاغية بين الجمهورين وتحضر
الروح الرياضية في خريبكة وفي القنيطرة، ونتمنى أن تستمر في الرحلة
المرتقبة نهاية الاسبوع رغم تخوفات صلاح من تكرار السيناريو السيء الذكر.

merciii

merciiiiiiiiiiii

» حكاية مشجع : كواليس مشاهدة المباراة وسط مشجعي الفريق الخصم
» لكل شهر حكاية
» حكاية نسر اصبح....
» من ألبوم حكاية شعب نشيد | ثوب الفرح | لمنشد الإعتصام | كفاح زريقي | ηєω 5-2009 ]